سورة الأنبياء - تفسير تفسير الشعراوي

/ﻪـ 
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنبياء)


        


{قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ(61)}
ومعنى {على أَعْيُنِ الناس...} [الأنبياء: 61] يعني: على مَرْأىً منهم ليشاهدوه بأعينهم {لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ} [الأنبياء: 61] أي: يشهدون ما نُوقِعه به من العذاب حتى لا يجترئ أحد آخر أنْ يفعل هذه الفِعْلة، ويكون عبرةً لغيره. {قالوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ...}.


{قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ(62)}
هنا أيضاً كلام محذوف: فأتَوْا به، ثم سألوه هذا السؤال، والاستفهام {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا} [الأنبياء: 62] استفهام عن الفاعل؛ لأن الفعلَ وضاح لا يحتاج إلى استفهام؛ لذلك لم يقُلْ: أفعلتَ هذا يا إبراهيم، بل اهتم بالفاعل: {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا..} [الأنبياء: 62] كما تقول: أبنيتَ الدار التي كنت تنوي بناءها؟ فهذا استفهام عن الفِعْل، إنما أأنت بنيت الدار، فالمراد الفاعل. {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ...}.


{قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ(63)}
وكأنه يريد أنْ ينتزعَ منهم الإقرار بأن هذا الكبير لا يفعل شيئاً، فيُواجههم: فلماذا- إذن- تعبدونهم؟
وقَوْل إبراهيم {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا...} [الأنبياء: 63] فيه توبيخ وتبكيت لهم، حيث رَدَّ الأمر إلى مَنْ لا يستطيعه ولا يتأتّى منه، وقد ضرب الزمخشري- رحمه الله- مثلاً لذلك برجل جميل الخطِّ، وآخر لا يُحسِن الكتابة، فيرى الأخيرُ لوحة جميلة، فيقول للأول: أأنت كاتب هذه اللوحة؟ فيقول: لا بل أنت الذي كتبتَها!! تبكيتاً له وتوبيخاً.
ثم يُصرِّح إبراهيم لهم بما يريد: {فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ} [الأنبياء: 63] وهم لن يسألوهم؛ لأنهم يعرفون حقيقتهم. {فرجعوا إلى أَنفُسِهِمْ...}.

17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24